وَ لْتَحْتَفِي أُمُّ اللُغاتِ بِزِينِها … هَذِي الجميلةٌ فِي رُبَى الأَخِيارِ
فِيها الحُروفُ كَأُمِّهِنَّ تَجَمَّعتْ … تُعْطِي لِكُلٍّ أَطْيَبَ الأثْمَارِ
نَمْتَازُ فِيهَا عَنْ جُمُوعِ خَلَائِقٍ … وَ نَطِيرُ فِيهَا فَوْقَ كُلِّ جِوَارِ
وَ تَمُرُّ فَوْقَ بِلَادِنَا كَسَحَابَةٍ … وَ بخَيْرٍ دُونَ جَيشِ جَوَاري
فَبِهَا الهِدَايَةُ مِنْ كِتَابٍ نَاسِخٍ … لَا رَيْبَ فِيمَا يَحْتَوِي لِلْقَارِي
وَ الحُكْمُ فَصْلٌ إِذْ نَطَقتَ بِأحْرفٍ … خَرَجَتْ مِنَ الخَيْشُومِ وَ المِزْمَارِ
غَزَتْ البِلَادَ بِرِقَّةٍ وَ وَدَاعَةٍ … مِنْ أَهْلٍ بِيتٍ عِزَّةٍ وَ وَقَارِ
وَ رَمَتْ شِبَاكَ الشِعْرِ مُنْذُ قُدُومِهَا … فِي قَلْبِ شَعْبٍ فَارِسٍ مِغْوَارِ
قَدْ طَالَ فِيهَا العُمْرُ حَتَّى أَصْبَحتْ … رَمْدَاءَ تَشْكُو غَدْرَهُمْ لِجِوَارِ
وَ تَصِيحُ فِيهِمْ مِنْ ظَلَامِ قُلُوبِهِمْ … إِذْ يَتْرُكُونَ عِزِيزَةً بِقِفَارِ
يَتَعلَّمُونَ وَ يَفْخَرُونَ بِغِيرِهَا … وَ كَأَنَّهَا سُورٌ مِنَ الأَسْوَارِ
لَا يَعْلَمُونَ جَمَالَهَا وَ بَدِيعَهَا … وَ دَقِيقَ وَصْفِ الحُبِّ فِي الأَشْعَارِ
قدْ خَانَهَا شَعْبُ الكِرَامِ كَأنَّهَا … بَغْيٌ بَدارِ دَعَأرةٍ و بَوارِ
هَذَا الكَلامٌ يَسُوؤُهَا فَكَأَنَّهَا … عَذْرَاءُ فِي خِدْرٍ مَنَ الأخْدَارِ
