(1)
سَأَبْدَأُ بِالسَلَامِ عَلَى الأَكَابِرْ … وَ أَعْلَمُ أَنَّنِي فِي الطِبِّ قَاصِرْ
وَ أَعْلَمُ أَنَّنِي فِي الشِعْرِ أَيْضَاً … ضَعِيفُ الوَزْنِ، مَكْسُورُ المَشَاعِرْ
سَأَخْتِمُ مَا بَدَأْتُ وَ ثُمَّ أَمْضِي … إِلَى دَرْبِ الحَيَاةِ؛ بِهِ أُسَافِرْ
أَنَا رَحَّالَةٌ مِنْ يَوْمِ يَوْمِي … أُسَافِرُ لِلشَمَالِ عَلَى الحَوَافِرْ
بِلَادٌ بَالَغَتْ فِي نَقْدِ عِلْمِي … لِتُعْطِينِي العُلُومَ بِهَا أُفَاخِرْ
وَ هَذَّبَتْ الطِبَاعَ وَ شَكْلَ قَوْلِي … وَ ألْبِسَتِي الكَثِيرَةَ فِي الجَرَائِرْ
وَ أَعْطَتْنِي الحَنَانَ بِكُلِّ بَرْدٍ … وَ بَرَّدَتْ القُلُوبَ عَلَى المُسَافِرْ
تَحَمَّلَتْ الكَثِيرَ بِسُوءِ طَبْعِي … وَ طَبْلَاتِي الكَثِيرَةَ فِي المَجَاهِرْ
وَ كَمْ زُرْتُ الشَوَارِعَ طُوْلَ لَيْلِي … وَحِيدَاً، كَي تُآنِسَنِي المَظَاهِرْ
عَشِقْتُ الأَرْضَ وَ الإِنْسَانَ فِيهَا … فَإرْبِدُ قَدْ حَوَتْ خَيْرَ العَشَائِرْ
(2)
وَ أَهْلٌ فِي البُيُوتِ عَلَى ارتِقَابٍ … لِنَأْتِيَهُمْ بِأَحْلَامِ البَشَائِرْ
وَ نُخْبِرَهَمْ بِأَنَّ الطِبَّ عِلْمٌ … عَظِيمٌ فِي الكِتَابِ وَ فِي المُبَاشِرْ
وَ أَنَّ الإِمْتِحَانَ بِهِ أُمُورٌ … دَرَسْنَاها كَثِيرَاً إِذْ نُذَاكِرْ
سَأخْبِرُكُمْ حَقِيقَةَ مَا شَهِدْنَا … وَ وَضْعَ الطِبِّ فِي السُنَنِ الأَوَاخِرْ
فأسئِلَةُ العظِامِ بِهَا غُمُوضٌ … وَ فِي الأَعْصَابِ كَانَ الكُلُّ شَاطِرْ
وَ فِي عِلْمِ النِسَاءِ سَأَلْتُ نَفْسِي … إِذَا أخْطَأْتُ فِي بَعْضِ الأَوَامِرْ
وَ أَمَّا فِي العُيُونِ إِذَا نَظَرْنَا … سَنَحْتَاجُ السِنِينَ وَلَنْ نُنَاظِرْ
وَ فِي الآذانِ تَعْقِيدٌ عَجِيبُ … وَ سَقْفُ الحَلْقِ مَلْآ بِالظَوَاهِرْ
وَ فِي التَخْدِيرِ خُدِّرْنَا جَمِيعَاً … وَ خَدَّرْنَا المَرِيضَ بِلَا خَسَائِرْ
وَ عِلْمُ الجِلْدِ كَانَ لَنَا مُهِمَّاً … وَ عَلَّمَنَا التَفَحُّصَ فِي الأَظَافِرْ
وَ شَرْعِيٌّ جَمِيلٌ زَادَ عِلْمِي … بِأسْبَابِ الوَفَاةِ بِغَيْرِ ظَاهِرْ
وَ عِلْمٌ أَشِعَّةٍ قَدْ كَانَ سَهْلاً … وَ عَلَّمَنَا التَرَوِّي كَالعَسَاكِرْ
وَ عِلْمُ الأُسْرَةِ الكُبْرَى مُهِمٌّ … يُخَفِّفُ حِمْلَ مُسْتَشْفَىً مُشَاهِر
وَ عِلْمُ النَفْسِ تَرْكِيبٌ مُرِيبٌ … يُخِيفُ النَفْسَ مِنْ شَكْلِ المَخَافِرْ
وَ سَادِسَةٌ بِهَا خَمْسٌ طِوَالٌ … بِهِنَّ شَقَقْتُ صَدْرِي لِلْمُحَاضِرْ
فَأَطْفَالٌ صِغَارٌ فِي مَنَامِي … وَ أَطَوَارُ الحِيَاةِ لِكُلِّ قَادِرْ
وَ عِلْمٌ بَاطِنِيٌّ مِثْلَ بَحْرٍ … بِلَا شَطِّ النَجَاةِ وَ لَا خَوَافِرْ
وَ أَمَّا الجَارِحَاتُ جَرَحْنَ قَلْبِي … لِيَدْخُلْنَ الخَلَايَا دُونَ نَاذِرْ
وَ نَبْكِي فِي اللَيَالِي عَلَّ دَمْعَاً … يُخَفِّفُ دَمْعَةً تَأْتِيكَ بَاكِرْ
(3)
رِفَاقَ الدَرْبِ أُهْدِيكُمْ كَلَامِي … لِذِكْرَى فِي القُلُوبِ كَمَا الأَحَافِرْ
فَكَمْ جَمَعَتْ صُرُوفُ الدَهْرِ قَوْمَاً … مِنَ البُلْدَانِ مِنْ وَقْتٍ لِآخَرْ
وَ أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ يَشْتَاقٌ دُومَاً … لِآخَرَ فِي بِلَادِ اللهِ غَادَرْ
أُذَكِّرُكُمْ بِطَبْلَاتٍ كِثَارٍ … عَدَدْنَاهُنَّ لَطْمَاً بالذَخَائِرْ
وَ ضِيقَاً فِي اصطِفَافٍ زَادَ ضَغْطِي … وَ تَعْصِيبَ الجَمِيعِ عَلَى الكَوَادِرْ
أُرِيدُ الصَفْحَ مِنْ مِنْكُمْ يَا رِفَاقِي … إِذَا أَخْطَأْتُ فِيكُمْ دَونَ خَاطِرْ
حَمَلْتُ الشِعْرَ عَقْدَاً مِنْ زَمَانٍ … وَ عَلَّمَنِي التَأَدُّبَ فِي التَحَاوُرْ
وَ عَلَّمَنِي التَأَنِّي عِنْدَ حُكْمٍ … فَلَنْ يَحْمِيكَ لَوْ دُرْتَ الدَوَائِرْ
خُذُوا مِنِّي الكَلَامَ عَلَى بِسَاطٍ … تَزَيَّنَ بِالحُرُوفِ إِلَى الضَمَائِرْ
أُذَكِّرُكُمْ بِمَا قَدْ قُلْتُ قَبْلَاً … إِذَا مَا قُمْتُ فِي وَصْفِ الكَبَائِرْ
تَعَلَّمْنَا الكَثِيرَ وَ قَدْ طَبَلْنَا … فَلَا تَهِنُوا وَ صَبْرَاً آلَ يَاسِرْ
